الكذب عند الأطفال من السلوكيات التي تثير قلق الأهل، فيبحثون عن أسباب هذا السلوك وطرق علاجه وتجعلهم في حيرة بين العقاب والتفهم. فبينما يتخيل البعض أن الكذب سلوك متعمد ينبئ عن خلل في التربية أو انحراف سلوكي، إلا أن الحقيقة أعمق من ذلك بكثير. فالكذب لدى الطفل قد يكون رسالة خفية تحتاج إلى من يفك رموزها. في هذا المقال، تعرف على أسباب سلوك الكذب وأنواعه وكيف تتعامل معه؟
أنواع الكذب عند الأطفال
قبل أن نتطرق للأسباب، لا بد أن نفهم أن الكذب ليس دائمًا متشابهًا. هناك:
- الكذب الخيالي: ويشيع عند الأطفال في سن 3-7 سنوات، إذ يختلط عندهم الواقع بالخيال، وقد يروون قصصًا غير حقيقية دون وعي منهم بالكذب، كأن يقول الطفل إنه رأى تنينًا في الحديقة.
- الكذب الدفاعي: عندما يكذب الطفل لينجو من العقاب أو ليحمي نفسه من التوبيخ.
- الكذب الاجتماعي أو المجاملات: كأن يقول الطفل إنه يحب الهدية التي لم تعجبه، تقليدًا للكبار أو لتفادي إحراج الآخر.
- الكذب بغرض الحصول على امتيازات أو أشياء معينة: مثل ادعائه أنه أدى واجباته ليستطيع اللعب أو مشاهدة التلفاز.

ما هي أسباب الكذب عند الأطفال؟
هناك عدد من الأسباب التي تدفع الأطفال إلى إخفاء الحقيقة أو توريتها، ومن هذه الأسباب:
1- الخوف من العقاب
يعد الخوف من أحد أهم دوافع الكذب، خاصة إذا كان رد فعل الأهل عنيفًا أو عصبيًا. فالطفل الذي يعرف أن الصدق سيقوده إلى التوبيخ أو العقوبة، قد يختار الكذب كوسيلة للنجاة. فمثلاً، إذا كسر شيئًا ثمينًا في البيت، قد ينكر ذلك خوفًا من ردة فعل الأهل.
2- الرغبة في جذب الانتباه
قد يكذب الطفل ليحصل على اهتمام أكبر، خاصة إذا شعر بالإهمال أو بوجود منافس له في محيطه، كمولود جديد أو أخ متفوق. فقد تجد أنه يؤلف قصصًا خيالية أو يبالغ في وصف الأحداث ليجذب الانتباه. لذلك، لا بد من الانتباه لهذا الدافع ومنح الطفل الاهتمام المطلوب.
3- الخيال من أسباب الكذب عند الأطفال
عادة ما يكون الخيال نشطًا للغاية عند الأطفال خاصة في سنواتهم الأولى. فيصعب عليهم أحيانًا التمييز بين ما يتخيلونه وبين الواقع. لذا قد يروون أحداثًا لم تحصل وهم يظنون أنهم يقولون الحقيقة. ففي هذه الحالة، ابنك لا يتعمد الكذب، ولكنه يقص الحقيقة من وجهة نظره الخيالية.

4- التأثر بسلوك الكبار
إذا رأى الطفل أحد والديه أو معلميه يكذب في موقف معين، سيتعلم أن الكذب وسيلة مشروعة للتخلص من المواقف الصعبة. الأطفال يتعلمون بالسلوك أكثر من التلقين، لذلك عليك الاهتمام بما تنقله لابنك من سلوكيات بنفس درجة الاهتمام بتلقينه آداب السلوك.
5- التوقعات المفرطة تؤدي للكذب عند الأطفال
عندما يطالَب الطفل دائمًا بالكمال أو يقارن بغيره، قد يشعر بالعجز، فيلجأ للكذب ليبدو أفضل مما هو عليه، كأن يزعم أنه حصل على علامة عالية لم يحصل عليها. أو ينسب إلى نفسه بطولات وهمية أو نجاحات مبالغ فيه، في محاولة منه لنيل إعجاب أسرته.
6- الحصول على مكافأة أو تجنب الحرمان
في بعض الأحيان، يكذب الطفل للحصول على شيء يرغب فيه، كأن يدعي أن المعلم طلب من الجميع إحضار حلوى، أو أن والده وعده بلعبة جديدة، دون أن يكون ذلك حقيقيًا. كما أن بعض الأطفال لا يدركون تمامًا أن ما يفعلونه يعد كذبًا، خاصة إن لم يتم شرح مفهوم الصدق لهم بشكل مبسط.

ما هو علاج الكذب عند الأطفال؟
- التفهم أولًا قبل العقاب: بدلًا من الغضب، حاولي أن تفهمي سبب الكذب وما الدافع وراءه. فكل كذبة تحمل رسالة أو احتياج.
- القدوة الصالحة: احرصي على الصدق في أقوالك وتصرفاتك، فالأطفال يلاحظون كل شيء.
- تعزيز الصدق بالمدح والثناء: عندما يقول الطفل الحقيقة حتى في موقف صعب، امدحيه وعبّري عن تقديرك له.
- تجنب التهديد المفرط: التهديد قد يولد الخوف، والخوف يؤدي للكذب. كوني حازمة لكن غير قاسية.
- الحوار الصادق: اشرحي للطفل بلغة بسيطة لماذا الصدق مهم، وكيف أن الكذب قد يسبب له مشكلات.