ربط الإسلام أعياد المسلمين بتقوية العلاقات وإبراز روح التكافل والتعاون بين أفراده، لبناء مجتمع أخلاقي متقارب ومتحاب ومتعاون على الخير وفعل المعروف. فالأعياد هي مناسبات سعادة وابتهاج، وهي جزء أساسي من خصائص وتركيب المجتمعات الإنسانية، ومكوّن رئيس من نسيجها الثقافي، فلا توجد أية حضارة بشرية بلا عيد، وكل منها يحتفل بالعيد بطريقته وأسلوبه وفق عاداته وتقاليده وموروثاته.
مع اقتراب قدوم عيد الأضحى المبارك، حاورت « أناقتي» جناب السيدة «بسمة آل سعيد» لتكشف لنا صندوق ذكرياتها واحتفالها بعيد الأضحى، والتأثير الإيجابي للأعياد على تماسك المجتمع. كما قدمت نصائح هامة لتعليم الأطفال أهمية عادات وتقاليد الاحتفال بالعيد وكيف يمكن للمرأة أن تبعث روح البهجة والسعادة في عائلتها يوم العيد.
في البداية نهنئكم بعيد الأضحى المبارك أعاده الله علينا وعليكم باليمن والبركات، كيف تحتفل السيدة «بسمة» بتلك المناسبة ؟ وهل لك ذكريات معينة في العيد؟
الاحتفال بعيد الأضحى لدى ينقسم إلى ثلاثة مراحل عمرية تبقى في ذاكرتي للأبد.
المرحلة الأولى: طفولتي. فكنت أنتظر بكل لهفة وشوق قدوم العيد والليالي التي تسبق العيد، ويبقى تعبير الأطفال الأكثر بهجة وفرحا تلقائياً ودون رتوش.
فمثل كل الأطفال كنت أحرص على اقتناء ملابس العيد بألوانه المشرقة والزاهية وتجهيزها قبل العيد بأيام، مع تجمع كل أطفال العائلة في بيت جدتي .أولاد عمي وبنات عمي نهار أول يوم العيد ، كما كنا نخلق أجواءا تنافسية بين أطفال العائلة للحصول على أكبر عيدية وأفضل الحلويات. أيضا كنا نشترط على أهلنا وجود أكلة «البرياني» الأكلة المفضلة لنا في أول عيد الأضحى.
وبخلاف أيام العيد نجحنا في الحفاظ على التجمع العائلي في منزل جدتي بشكل أسبوعي، مما انعكس إيجابيا على علاقتي مع أهلى وأقاربي خلال مراحل عمرنا.
المرحلة الثانية: قبل الزواج، في تلك الفترة كانت علاقتي بجدتي وثيقة للغاية خاصة مع سفر والدي ووالدتي خارج السلطنة. وكوني البنت الكبرى بين أخوتي ارتبطت ذكرياتي مع جدتي وبيتها في أيام العيد، فكنا نقوم بتجهيز المنزل وتغيير ديكوره في ليلة العيد لاستقبال الضيوف والأقارب في أول يوم، وتجهيز الفوالة «الحلويات» وتبخير وتعطير ملابسي. كذلك تعلمت منها مبادئ الاستقبال والترحيب بالضيوف والأقارب في أول يوم العيد وتقديم الحلويات لهم، وأيضا تعلمت منها بعض أغاني العيد التراثية التي كانت تبعث الفرحة والبهجة لقلبي في صباح يوم العيد.
المرحلة الثالثة : بعد الزواج، سعادتي وبهجتي بالعيد تكمن في فرحة أولادي وسعادتهم. كذلك التجمعات العائلية في بيت زوجي مع أهله وأقاربه.
الأعياد وأثرها على تماسك المجتمع، وكيف نجني ثمار التجمعات العائلية في الأعياد على توطيد أواصر المحبة بين الأهل؟
يبعث العيد والاحتفال به طاقة إيجابية داخل نفوسنا، فالعيد هو يوم الفرح والسرور والتواصل،وهو يعتبر من العادات الاجتماعية التي تعمل على توطيد التواصل الأسري وتعزيز وحدة المجتمع ،وتقوية الروابط بين أفراده.
فمبادئ الدين الإسلامي، وعاداتنا وتقاليدنا توصي بتقوية أواصر المحبة والترابط بين أفراد المجتمع، وزيارة الأقرباء والجيران والأصدقاء وتبادل الأحاديث وتقوية الروابط الاجتماعية، وتعويد الأطفال على أصول مخالطة الناس وآداب المجالس والحديث والزيارة، وإتاحة الفرصة لهم لاكتساب المزيد من المهارات المعرفية والسلوكية والاجتماعية.
هذه المبادئ سبب رئيسي بفضل الله في تماسكنا كشعب عماني وعربي، فالاستثمار في هذا الجانب نجني ثماره اجتماعيا لكل المراحل العمرية.
أهم العادات والتقاليد التي تشتهر بها السلطنة؟
أبرز عاداتنا وتقاليدنا تتمثل في تجهيز الطعام للأقارب والضيوف في ليلة العيد، رسم الحناء، الشواء العماني، التواصل مع الأهل والأقارب وتهنئتهم، العيود العمانية والتي شهدت الآن تطورا كبيرا في طريقة تغليفها، زيارة أسواق العيد خاصة في المناطق الداخلية.
يحرص الأطفال على خلق أجواء خاصة بهم في عيد الأضحى، أهمية تعليم الأطفال على أسس وعادات وتقاليد الاحتفال بالعيد؟
الطفل يتعلم بالتجارب وتقليد الكبار، كل موقف لك في العيد هو فرصة عظيمة لتعليم طفلك المحبة والعطاء والإيثار. وهناك بعض النصائح التي يمكن أن تساعدك في ذلك ومنها:-
المشاركة في أعمال المنزل، يمكنك إشراك طفلك في ترتيب المنزل وتهيئته لاستقبال العائلة والضيوف. كما يمكن أخذ مشورتهم في تعديل بعض ديكور المنزل وتزيينه احتفالا بالعيد، يعزز ذلك شعور الأطفال بشراكتهم في القرارات المنزلية وثقتهم في أنه يمكن الاعتماد عليهم.
العيد فرصة مثالية ومواقف اجتماعية يتعلم من خلالها الطفل آداب الحديث والترحيب بالضيوف.
تعليم طفلك معنى العطاء والإيثار، فالعيد مناسبة مهمة لتعليم طفلك أهمية ذلك وتخصيص جزء من عيديته للفقراء ،أو التبرعات ،أو الجمعيات الخيرية.
مشاركة أطفالك في شرائهم لملابس العيد، يعزز ذلك الثقة بالنفس والقدرة على اتخاذ القرار.
حث أطفالك على أهمية صلاة العيد ، حيث يعلمهم مبكراً كيفية إحياء السنن ويعودهم على آداب المسجد، ويكسبهم عادات الطهارة والنظافة وإقامة الشعائر والهدوء والإنصات وقيم التماسك الاجتماعي والود مع الآخرين.
نصائح للاستمتاع بعيد الأضحى، وكيف يمكن للمرأة أن تخلق أجواءاعائلية مميزة وجديدة في منزلها؟
لاشك أن الأم في هذه الأيام تواجه تحديات كبيرة، للحفاظ على العادات والتقاليد في ظل التطور التقني، وتباعد المسافات المكانية والمعنوية حتى بين أفراد الأسرة الواحدة. لذا دورها هام في نشر الطاقة الإيجابية داخل المنزل ليلة العيد والحرص على العادات والتقاليد المفعمة بالأصالة، ترتيب المنزل وتزيينه بشكل يبعث الفرحة والسرور داخل عائلتها، تجهيز ملابس صلاة العيد للزوج، التخطيط لبرنامج ترفيهي خلال أيام العيد للاستمتاع مع أطفالها، الحرص على بر والديها وبر والد ووالدة وأهل زوجها.
عيد النهضة ماذا يمثل للسيدة «بسمة آل سعيد»؟
عيد النهضة يمثل لي فخرا واعتزازا وانتماءا وحبا وولاء لجلالة السلطان «قابوس بن سعيد» المعظم، عيد النهضة الذي شكل علامة تاريخية فارقة انطلقت معها عمان دولة وشعبا ومجتمعا إلى آفاق العزة، والانطلاق إلى بناء دولة عصرية قادرة على تحقيق التقدم والسعادة والرخاء لأبنائها ومواكبة التطور الإنساني من حولها ومرفوعي الرأس بين كل دول العالم.
تعد العادات والتقاليد ركيزة أساسية في التكوين النفسي للفرد، أهمية الالتزام بها لصحة نفسية أفضل؟
الحفاظ على العادات والتقاليد والانتماء لوطنك ودينك، يعزز دوما ثقة الإنسان بنفسه ويخلق شخصية سوية من الناحية النفسية والاجتماعية.
فتعمل العادات والتقاليد على رسم شخصية الفرد فبدونها سيصبح الفرد مجهول الهوية، كما أن الحفاظ عليها تشعرك بأهمية أن يكون لك وطن وهوية داخل الوطن ،ولك العادات والتقاليد الخاصة بك وحدك وتميزك عن الغير.كما أن وجود عادات وتقاليد يعني أن لك تاريخا كبيرا، وهو ما سيشعركم بالفخر عند التحدث بذلك التاريخ أمام الأبناء.
لدينا مسؤولية ودور هام نحن كعمانيين للحفاظ على تراثنا وتقاليدنا وعادتنا، وكوني الرئيسة الفخرية لفريق «نبع الأصالة» والذي يهدف إلى الحفاظ على هويتنا العمانية والعربية والاحتفاظ بعاداتنا وتقاليدنا. كما أحرص دوما على ارتداء كل ما يمس الأزياء العمانية التقليدية والفضيات التي اشتهرنا بها، يجب الحفاظ على تراثنا والترويج والتوعية له بالطريقة الصحيحة فتراثنا غني وثري وبه تاريخ حافل.