يعد تشتت الانتباه أحد أبرز التحديات التي تواجه الأطفال في مراحل نموّهم المختلفة، وقد يتفاقم الأمر ليؤثر سلبًا في تحصيلهم الدراسي، وتفاعلهم الاجتماعي، وثقتهم بأنفسهم، ولذلك يبحث الأهل عن أنشطة لعلاج هذه المشكلة عند الأطفال. وعلى الرغم من أن العلاج الدوائي قد يكون حلاً لبعض الحالات، إلا أن الحلول السلوكية والأنشطة المنزلية تلعب دورًا جوهريًا في تحسين التركيز وتعزيز الانتباه. فالمحيط الأسري هو المكان الأمثل لغرس العادات الإيجابية، ولا سيما عبر أنشطة ترفيهية تعليمية تحفّز الدماغ وتدرّب الطفل على الانضباط الذهني.
أنشطة لعلاج تشتت الانتباه عند الأطفال
1- ألعاب التركيز والذاكرة
ألعاب الذاكرة مثل بطاقات الصور المتطابقة، أو لعبة “أين اختفى الشيء؟”، تعد من الوسائل الممتازة لتقوية الانتباه البصري والذاكرة العاملة. يمكن للأهل استخدام بطاقات مصوّرة تحتوي على أشكال أو حروف أو ألوان، وطلب من الطفل العثور على المتشابهات. كما يمكن ترتيب مجموعة أشياء صغيرة على طاولة، ثم يطلب من الطفل إغماض عينيه، وإزالة أحد الأشياء خلسة، ومن ثم سؤاله: “ما الذي اختفى؟”. هذه الألعاب تحفّز قدرة الطفل على الملاحظة والتركيز في التفاصيل.
2- المهام اليومية المجزأة
تجزئة المهام الكبيرة إلى خطوات صغيرة أمر هام لعلاج تشتت الانتباه عند الأطفال. كما أنه يعد تمرينًا ذهنيًا فعّالًا للأطفال الذين يعانون من التشتت. فبدلاً من أن يطلب من الطفل ترتيب غرفته دفعة واحدة، يمكن تقسيم المهمة إلى مراحل: أولاً ترتيب الألعاب، ثم ترتيب السرير، ثم تنظيم الملابس. هذه الطريقة تقلل من الضغط الذهني وتساعد الطفل على التركيز في مهمة واحدة في كل مرة.
3- نشاط تتبع القائد
يتميز هذا النشاط بكونه نشاط حركي، مما يتناسب مع طبيعة الأطفال الحركيين. في هذا النشاط، يقوم أحد أفراد الأسرة بدور القائد وينفّذ حركات متتالية، وعلى الطفل تقليدها بتركيز. يمكن أن تشمل الحركات القفز، التصفيق، المشي على أطراف الأصابع، أو حتى أداء حركات معقدة قليلاً كالتصفيق مع الدوران. هذا النشاط ينمّي الانتباه السمعي والبصري. كما يدمج بين الحركة الجسدية والتفكير الذهني، مما يساعد في توجيه طاقة الطفل بشكل إيجابي.
4- الرسم والتلوين لعلاج تشتت الانتباه عند الأطفال
الرسم ليس مجرد تسلية؛ بل هو وسيلة فعّالة لتنمية التركيز، خاصة إذا تم استخدامه بطريقة موجهة. على سبيل المثال، يمكن إعطاء الطفل رسمة معقدة وتحديد ألوان معينة لأجزاء معينة. أو استخدام تقنية “التلوين داخل الخطوط” التي تتطلب دقة وهدوء. كما يمكن تكليفه برسم أشياء من ذاكرته، ما يحفز القدرة على التذكر والانتباه إلى التفاصيل.
5- زراعة النباتات والعناية بها
يعد هذا النشاط من أهدأ وأعمق الأنشطة التي تعزز مهارة التركيز والانتباه لدى الطفل. فعملية زراعة بذور ومتابعة نموها يومًا بعد يوم، تتطلب الصبر، الانتباه، والملاحظة الدقيقة. كما أن سقي النبات في مواعيد محددة يساعد على غرس الشعور بالمسؤولية والالتزام.
6- علاج تشتت الانتباه عند الأطفال بالقراءة
عند قراءة قصة، يمكن للأهل طرح أسئلة أثناء القراءة مثل: “ماذا تتوقع أن يحدث بعد ذلك؟”، أو “لماذا تصرّف البطل بهذه الطريقة؟”. هذه الطريقة تشرك الطفل ذهنيًا وتمنعه من التشتت، كما تدربه على التفكير المنطقي والانتباه لتسلسل الأحداث. يمكنك أن تطلب منه أن يقوم بتمثيل جزء من القصة أو مشاركتك في أداء الحوار بين أبطالها. كما يمكنك أن تطلب منه أن يحكي ملخص للقصة أو يوضح الدروس المستفادة منها.
الأنشطة المنزلية وسيلة حيوية لتقوية مهارات الانتباه لدى الأطفال. فكل لعبة، وكل نشاط، يحمل فرصة لتطوير عقل الطفل وتحفيزه على التركيز. والمفتاح الأهم في ذلك كله هو الصبر، والدعم، والتكرار. فكلما شعر الطفل بالحب والتشجيع، كلما ازدادت قدرته على التغلّب على التشتت وتحقيق التوازن الذهني والعاطفي.