في زحمة الحياة العصرية وركضنا المتسارع خلف الجمال والعناية الذاتية، تعود إلينا بعض الموروثات القديمة التي ما زالت تثير الجدل وتستدعي التأمل، ومن أبرزها فكرة قص الشعر في الأيام القمرية أو الأيام البيض. يعتقد كثيرون بأن توقيت قص الشعر وفقًا لدورة القمر قد يؤثر بشكل مباشر على صحة الشعر وطوله ولمعانه. فهل في هذه الفكرة ما يثبتها علمًا؟ أم أنها محض خرافة توارثتها الأجيال؟
ما هي الأيام القمرية؟
مصطلح الأيام القمرية يشير إلى الأيام التي يكون فيها القمر بدرًا، أو مكتمل تمامًا. يحدث ذلك في منتصف الشهر الهجري، وتحديدًا في الأيام الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر من كل شهر. كما تعرف هذه الأيام أيضًا باسم الأيام البيض، وقد ارتبطت بفكرة قص الشعر منذ زمن طويل. كما قد ارتبطت أيضًا بعدة ممارسات صحية أخرى، مثل قص الأظافر والاستحمام. وبالطبع، لا ننسى أنها من الأيام التي يسن صيامها، فصيام الأيام البيض له فضل كبير.
أصل فكرة قص الشعر في الأيام القمرية
ترجع فكرة قص الشعر في الأيام البيض إلى معتقدات قديمة كانت ترى في القمر قوة تؤثر على الكائنات الحية، كما تؤثر على المد والجزر. وقد اعتُقد أن القمر المكتمل يحمل طاقة إيجابية تعزز نمو الشعر، وتجعله أكثر صحة وقوة. وكان يعتقد كذلك أن قصّه في هذه المرحلة يقي من التساقط، ويعزز سرعة النمو.

كما أن بعض الثقافات الشرقية، مثل الثقافة الهندية والصينية، اعتمدت على التقويم القمري في تحديد المواعيد المثلى للعناية بالجسم، بما في ذلك قص الشعر. وقد انتقل هذا الاعتقاد إلى كثير من المجتمعات العربية، خاصة الريفية منها. حيث كانت الجدات ينصحن الفتيات بقص الشعر “وقت البدر” للحصول على شعر أكثر كثافة وطولًا.
علم متقدم أم موروث شعبي؟
علميًا، ليس هناك فائدة إضافية لقص الشعر في الأيام القمرية أو الأيام البيض. فلم تثبت الدراسات حتى الآن وجود علاقة مباشرة بين دورة القمر ونمو الشعر. فالشعر ينمو بمعدل ثابت تقريبًا، يتأثر بعوامل وراثية، وتغذوية، وهرمونية، ولا يبدو أن للقمر دورًا فعليًا في هذه العملية. لكن، من وجهة نظر علم النفس، قد يكون للأثر المعنوي والإيجابي للمعتقدات دور في تحسين الحالة النفسية للمرأة عند الاعتناء بشعرها في وقت تشعر فيه بالارتباط بالطبيعة والكون.

وقد أظهرت بعض الدراسات الحديثة أن الالتزام بروتين جمالي معين، مصحوبًا بإيمان داخلي وراحة نفسية، يحفز الجسم على التفاعل بشكل أفضل. وهذا قد يسهم في تقوية بصيلات الشعر عن طريق تقليل التوتر والقلق، وهما من أهم مسببات تساقط الشعر.
رأي الخبراء في قص الشعر في الأيام القمرية
يرى بعض خبراء التجميل أن قص الشعر بانتظام – بغض النظر عن توقيت القمر – يساعد على التخلص من الأطراف المتقصفة. كما أنه يحسن من مظهر الشعر ويعزز نموه الصحي. إلا أنهم لا يعارضون قصّه في الأيام القمرية إذا كان ذلك جزءًا من تقاليد الشخص أو ما يمنحه شعورًا بالرضا والتجدد.

وفي الختام، سواء أكان قص الشعر في الأيام القمرية علمًا دقيقًا أم معتقدًا موروثًا، فإن ارتباط الإنسان بالطبيعة والموروثات الشعبية يعكس جانبًا عميقًا من رغبته في الانسجام مع الكون من حوله. كما أن به نوع من التواصل مع الثقافة القديمة وشعور بالانتماء إليها. فإن كنت من المؤمنات بهذه الفكرة، فلا ضرر من التجربة، خاصة إن كانت تمنحك شعورًا بالراحة والسعادة. فالعناية بالشعر لا تقتصر على القص، بل تشمل التغذية الجيدة، العناية الدورية، والابتعاد عن التوتر، وهي أمور ثابتة التأثير مهما كانت الدورة القمرية.